تفسير سفر طوبيا
- طوبيا كلمة عبرية (طوبى ياه = الله طيب)
- هي قصة رجل تقي يسمى طوبيا عاش في السبي الأشوري في نينوى عاصمة أشور لكنه تمسك بتقواه وبأعمال الرحمة. وعائلة أخرى تقية. لكن كلا العائلتين يواجهان تجارب أليمة بالرغم من تقواهما فلماذا؟
1) الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل إبن يقبله (عب5:12،6). والكتاب لم يذكر أي خطية للعائلتين ولكن الله العالم بداخل كل نفس هو يعلم ما هي الخطية التي يؤدب عليها.
2) أيوب قال الله نفسه عنه أنه رجل كامل ليس مثله (أي1:1،
ولكن إكتشفنا بعد ذلك خطأ أيوب الواضح وهو بره الذاتي. وكان الله يشفيه ليَكْمُل. فالكمال للبشر هو كمال نسبي. وبولس الرسول سمح الله له بشوكة في الجسد ليحميه من الإنتفاخ (2كو7:12)
3) قيل عن المسيح "يُكَمِّل رئيس خلاصهم بالآلام" (عب10:2) فإن الآلام هي طريق الكمال وطريق الكف عن الخطايا (1بط1:4). لكن ملاك الرب يصاحب المتألم ليعزيه وهذه مثل يعطي مع التجربة المنفذ (1كو13:10)
4) كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله (رو28:
. وهاتين العائلتين يحبون الله بالتأكيد. فنجد أن الأمور بالنسبة لهم وإن بدأت ببعض الآلام إلاّ أنها تنتهي بسعادة وفرح للجميع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- الملائكة قال عنهم بولس الرسول أنهم "أرواح خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب14:1). وهنا نرى صورة تطبيقية لما قاله بولس الرسول. فالله الذي عينه على أولاده يرسل ملاكاً هو الملاك رافائيل ليسهل أمور أولاده. وكم من مرة يحدث لنا ذلك دون أن ندري. وربما ننسب حلول مشاكلنا للصدف أو الحظ أو ذكائنا ويكون الله عن طريق ملائكته هو الذي سهل لنا الأمور. (مز7:34) "ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم". (مز11:91) "يوصي ملائكته بك، لكي يحفظوك في كل طرقك" (تك7:24) "يقول إبراهيم لعبده يرسل ملاكه أمامك" (تك16:48) "وهكذا قال يعقوب" ورافائيل أحد رؤساء الملائكة السبعة الواقفين أمام الرب.
- الشيطان الذي كان يقتل أزواج البنت قيل أن إسمه أزموداوس (طو8:3) أي المهلك أو المدمر فهل الشيطان يقتل؟
1) السيد المسيح أسمى الشيطان أنه كان قتالاً للناس منذ البدء (يو44:
2) حينما كان الشيطان يضرب أيوب، كان الله يحدد له حدود التجربة، وقال الله للشيطان ها هو في يدك ولكن إحفظ نفسه (أي6:2). إذاً لولا هذا الحد الذي وضعه الله للشيطان لكان قد قتله.
3) الأرواح الشريرة قتلت وأهلكت قطيع الخنازير (مت32:
.
4) الشيطان كان يلقي بالبشر في النار والماء (مت15:17). وهو يهيج الحروب فيموت الكثيرين.
5) الأرواح الشريرة أصابوا أولاد سكاوا بجراح حتى هربوا عراة. (أع16:19).
6) سلطان الشيطان هذا على "الذين ينفون الله من قلوبهم ويتفرغون لشهوتهم" (طو16:6،17). ولم يكن له سلطان على طوبيا وسارة اللذان نفذا كلام الملاك. ولذلك نفى الملاك الشيطان إلى برية مصر العليا حيث العبادات الوثنية. ولاحظ فمصر كانت تشير لأرض العبودية والمعنى أن الملاك حرر طوبيا وسارة تماماً من إبليس وعبوديته.
7) شكراً لله. لقد كان هذا السلطان على البشر قبل المسيح. وبالمسيح صار لنا سلطان أن ندوس عليه (لو19:10)
كان الشيطان يقبض على كل النفوس بعد موتها ليأخذها للجحيم، وأول نفس لم يستطع معها هذا كان السيد المسيح الذي قال "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شئ" (يو30:14) فالمسيح لم يقبل خطية واحدة من يده. والآن كل من هو ثابت في المسيح يستطيع أن يقول هذا "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شئ" ونصلي للعذراء الأم أن تأتي لنا في هذه الساعة لتطرد عنا الشياطين (صلاة الغروب) (وعند مفارقة نفسي من جسدي إحضري عندي ولمؤامرة الأعداء إهزمي)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- هناك اعتراض على استعمال قلب ومرارة وكبد الحوت لهزيمة الشيطان وشفاء طوبيا الأب من العمى.
1) يقولون وهل تشفي المرارة العين العمياء، والرد من (إش21:38) الذي وضع قرص تين على الدبل فبرأ حزقيا الملك. ووضع السيد المسيح طيناً على عيني الأعمى فتفتحت عيناه. فهل التين يشفي أو الطين يفتح العيون؟!
2) السبب ببساطة أن الإنسان = جسد + روح. وأعمال الروح غير مرئية للجسد، فيسمح الله بأشياء مادية للدلالة على أشياء روحية. مثلاً المعمودية= دفن مع المسيح وقيامة، لذلك ندفن المعمد في ماء، ثم نخرجه من الماء للدلالة على الدفن والقيامة. والمعمودية غسيل من الخطايا، لذلك نستعمل الماء للدلالة على الغسيل. فالله يستخدم معنا أشياء مادية لأن لنا جسد مادي. نحن لسنا أرواح فقط فلابد أن نشعر بشئ مادي. الصورة الحسية تغذي حواس الجسد. وهكذا إستعمل السيد المسيح مع تلاميذه الزيت لشفاء الأمراض (مر13:6) + (يع14:5). وبنفس المفهوم يلقي موسى قطعة شجر في الماء المر فيصير عذباً (خر25:15) وإليشع يرمي عود خشب في الماء فيطفو الحديد (2مل6:6). ويلقي دقيق في قدر مسموم فلا يؤذي الطعام أحد (2مل41:4)
3) قال الملاك لطوبيا "إذا أحرقت كبد الحوت ينهزم الشيطان" فهل هذا أعمال سحرية؟ قطعاً لا. إنما هو شكل مادي لعمل روحي. فالكبد والقلب هما تعبير عن المشاعر وكان اليهود يطلقون على المشاعر "أحشاء" (في1:2+2كو15:17) وحتى الآن فإن لفظ القلب يطلق على المشاعر فنقول (فلان له قلب رحيم أو فلان بلا قلب). ولذلك نفهم أن حرق الكبد والقلب يشير للمشاعر الملتهبة بين طوبيا وعروسه في الليلة الأولى للزواج ولكنهم غلبوا هذه المشاعر، فكانوا كمن أحرقها. فإنه شئ صعب جداً أن يعيش شاب وشابة دون أن يلمسا بعضهما. وهكذا قيل عن القديس يوحنا كاما وزوجته اللذان زوجهما أبواهما دون رضائهما وأرادا أن يعيشا في بتولية، وعاشا فترة كإخوة حتى ترهبا كلاهما. "أن هذا يفوق الطبيعة البشرية، أن ينام شابان بجانب بعضهما ولا تثور فيهما الطبيعة إلى الشهوة. ومن هو الذي يدنو من النار ولا يحترق" هذا ما قيل عن القديس يوحنا كاما وزوجته.
4) لماذا طلب الملاك من طوبيا أن لا يعاشر زوجته ثلاثة أيام؟ كان هناك شيطان يحارب البنت ويقتل أزواجها. فكيف تحارب الشيطان؟ هذا السؤال أجاب عنه السيد المسيح "هذا الجنس لا يخرج إلاّ بالصلاة والصوم. وما هو الصوم؟ هو حرمان الجسد من شهوة طبيعية للأكل. وما الذي أرشد الملاك طوبيا لعمله هو حرمانه من شهوة طبيعية ناحية زوجته مع الصلاة. وبالتالي كانت مشورة الملاك لطوبيا هي نفسها مشورة السيد المسيح لنا، في كيف نغلب الشيطان، نحرمه من سلاحه (بالصوم والإمتناع عن الشهوات الجسدية) + الصلاة وهي سلاح فعال فبالصلاة يكون لنا صلة بالله فلا يستطيع أن يقاوم.
5) السيد المسيح غلب الشيطان بنفس الوسيلة، فهو صام ورفض أن يطلب من الآب تحويل الحجارة إلى خبز متغلباً على شهوة البطن للطعام، لذلك قال المسيح أنه بهذا ربط الشيطان (مر27:3) "لا يستطيع أحد أن يدخل بيت قوي وينهب أمتعته إن لم يربط القوي أولاً وحينئذ ينهب بيته" فأسلحة الشيطان هي الملذات العالمية (مال/ جنس/ طعام وشراب..) ولذلك سمى الشيطان "رئيس هذا العالم" (يو30:14) ولذلك قال الشيطان للسيد المسيح "أعطيك كل هذه" (مت9:4) فمن يرفض إغراءات العالم يحرم إبليس من أسلحته فكأنه بهذا قد ربطه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهذا ما فعله طوبيا إذ رفض حقه في ملذات العالم، فربط الشيطان وإنهزم. وتعبير إنهزم إستخدمه السيد المسيح "ولكن متى جاء من هو أقوى منه فإنه يغلبه" (لو22:12)
6) كان حرق الكبد والقلب هو تعبير عما فعله طوبيا وزوجته من قتل مشاعرهما وغرائزهما لربط الشيطان وبهذا غلبوه
7) في الليلة الثانية تكون مقبولاً في شركة الآباء القديسين (طو20:6). وهذا ما قاله السيد المسيح للتلاميذ حينما عادوا فرحين إذ خضعت لهم الشياطين.. "لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم، بل إفرحوا بالحري أن أسماءكم كتبت في السماوات" (لو20:10) فهناك درجة أعلى من خضوع الشياطين، هي شركة الآباء القديسين في السماء. فهم حين إحتملوا ليلة ربطوا الشيطان وهزموه. وفي الليلة الثانية إزدادت درجتهم مع زيادة تحملهم. وفي الليلة الثالثة، ورقم 3 هو رقم كمال إنتهت المشكلة تماماً وملأت البركة حياتهم. والبركة تعني وجود الله في حياتي وشركته معي في كل شئ (2كو 13: 14). ورقم 3 يشير للثالوث وللاقنوم الثالث اي الروح القدس ويشير للقيامة والحياة. فان كانا قد صار لهما الشركة مع الاباء القديسين في السماء في اليوم الثاني ففي اليوم الثالث صارت لهما شركة الروح القدس ، فصارت لهما البركة والحياة.
للأسباب السابقة تنصح الكنيسة المتزوجين حديثاً أن يمتنعوا عن المعاشرة الزوجية الثلاثة أيام الأولى، فتكون كباكورة لله، ولطرد الشياطين من حياتهم. وبركة العمر كله وكان في الكنيسة قديماً، يأتي العروسان للإعتراف والتناول ليكون هناك وحدة روحية. ويتم الزواج ليلة السبت وتستمر التسابيح طوال الليل ويتناولا يوم الأحد. ويذهب لهما الكاهن يوم الاثنين ليصلي لهما التحليل ثم يبدآن في المعاشرة الجسدية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- كاتب السفر: غالباً هو طوبيا نفسه كما أوصاهم الملاك "حدثوا بجميع عجائبه" (طو20:12)
- زمن كتابة السفر: في أثناء سبي إسرائيل في أرض أشور. والسبي كان سنة 722ق.م. وبالتالي كانت الكتابة بعد هذا التاريخ. ولقد كتب السفر في أرض السبي. وكان سبب تعزية للمسبيين فهم فهموا ان الله مهتم بهم ويرسل لهم ملائكته تحفظهم إن عاشوا بالتقوى.
- طوبيا لقداسته أرشده الله لزوجة صالحة حفظها له. وسارة لقداستها سمح الله لإبليس أن يقتل أزواجها لأنهم إما وثنيين أو أشرار لا يستحقون هذه القديسة. فبينما كان إبليس يدبر الهلاك والحزن والكآبة للبنت القديسة والآلام لطوبيا بل العمى. كان الله يخرج من الجافي حلاوة. الشيطان قوى على الأزواج السبعة لأنهم كانوا غير صالحين كما قال الملاك "إن الذين يتزوجون فينفون الله من قلوبهم ويتفرغون لشهوتهم كالفرس والبغل اللذين لا فهم لهما أولئك للشيطان عليهم سلطان (طو17:6).
- الملاك روفائيل معنى إسمه شفاء الله. وحينما ظهر لطوبيا كان في هيئة شاب حتى لا ينزعج وسمى نفسه "أنا عزريا بن حننيا العظيم" وقيل وهل يكذب الملاك؟ وقال عن نفسه أنا من بني إسرائيل.. وكنت نازلاً عن أخينا غابيلوس فهل كذب في هذا؟
1) عزريا= الله يساعد بقوة وحننيا= حنان الله وقوله العظيم عائدة على يهوه. والمعنى أنا خادم الله العظيم الذي من حنانه أرسلني بقوة لأقدم لكم خدمة عظيمة. قوة الله النابعة من حنانه العظيم ستشفي طوبيا وتنقذ سارة وتطرد الشياطين وتغنيهم. حقاً فالله لا يظل مديوناً. لقد خدمه طوبيا. والله يرد له أضعاف أضعاف. الإسم الذي ذكره الملاك هنا ليس إسماً له بل هو تعبير عن رسالة سيقوم بها.
2) حدث كثيراً في الكتاب المقدس أن ظهر الملائكة في هيئة بشر. فإبراهيم إستضاف ملائكة وهم على هيئة بشر وهو لا يدري (عب1:13). وهكذا ظهر الملائكة كبشر أمام لوط.
3) قوله أنه من بني إسرائيل ومن سبط نفتالي فهذا يعني أنه مكلف بحراسة شعب الله في هذا المكان أي أن قوله من بني إسرائيل أي من عند بني إسرائيل ومن سبط نفتالي أي أنا أتيت من عندهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلوا من اجل ضعفى
اذكرونى فى صلواتكم