في غالبية الحالات لا تهجم الخطيئة علي الانسان دفعة واحدة بكل قوتها, إنما تزحف إليه زحفا حتي تصل إليه بشيء من التدريج, لذلك فلينظر كل شخص من أين تأتيه الخطية, ويراقب تطورها, ويحترس.
* ومراحل الخطية تبدأ غالبا باتصال, ثم انفعال, فاشتعال فتتصل الخطية بأي شخص عن طريق العثرات أو التهاون أو الصدفة, أو المعاشرات الرديئة, أو لقاءات الحياة العادية, فان أعطاها مجالا, قد تؤثر عليه فينفعل بها سواء أكان انفعالا فكريا أو عاطفيا أو بطريق الحواس, فإن تهاون مع هذا الانفعال, يشتد فيتحول إلي اشتعال.
وفي هاتين المرحلتين تكون مؤثرات الخطية قد انتقلت من الخارج إلي الداخل, وفي هذا خطورة, وقد يتطور الأمر إلي ما هو أشد.
* يتطور الأمر إلي صراع داخلي, ربما ينتهي إلي تسليم وسقوط انه صراع بين الضمير والخطيئة, أو بين الروح والمادة, وهذا الصراع يدل علي الانسان, رافض للخطيئة, وأنه يقاوم, وهي مرحلة متعبة, ولكنها أفضل من الاستسلام للخطأ والسقوط, وهكذا يكون الانسان قد أوقع نفسه في هذا الصراع بتهاونه في المراحل السابقة.
والصراع مع الخطيئة غير مضمون النتيجة..
* ويتوقف علي مدي مقاومة الشخص, وعلي تدخل النعمة لإنقاذه, فقد تدركه المعونة الالهية, وتنتشله بطريقة ما مما هو فيه. وقد يتعب من الصراع ويفشل, ويلقي سلاحه ويستسلم ويسقط. وذلك لأن الخطية من طبيعتها أنها لاتستريح حتي تكمل. وده بحصل فى حاله لما الانسان يحارب بقوته هو دون الاستعان بقوه الله
* فان سقط الشخص في ذلك الصراع مع الشر, لا يتركه الشيطان بل يستمر في محاربته له, حتي تتكرر الخطيئة, وحتي تتحول إلي عادة أو إلي طبع فيه, ويصل إلي الوضع الذي لايستطيع فيه أن يقاوم!
* وهذا ما نسميه بالعبودية للخطية حيث يخضع لكل ما يقترحه الشيطان عليه, كعبد له وللخطية التي سيطرت عليه, ثم لا يكتفي عدو الخير بأن يجعل فريسته عبدا له, إنما يتطور إلي ما هو أبشع.
* تتطور العبودية إلي مذلة العبودية!
أي إلي الوضع الذي يشتهي فيه الشخص الخطية التي تسيطر عليه, ولا يجدها! ويطلبها متوسلا بكل قواه يتوسل ولا يتوصل كمن يطلب شهوة المال, أو شهوة الجسد, فلا يجدها, أو كمن يطلب العظمة أو الكبرياء, أو الانتقام أو التشفي, ويسعي بكل رغبات قلبه لعله يجد ـوكأنه يتوسل إلي الشيطان, أو يتسول من الشيطان, أن يمنحه الخطيئة! وهذه مذلةـ وقد يتمادي الشيطان في غروره, ويحتقر هذا الشخص الذليل!
فلينظر كل شخص في أي مرحلة من هذه المراحل هو كائن؟ وليختصر الجهاد والصراع, ويبعد عن الخطوة الأولي. ويطلب المعونه الالهيه
فهذه أسهل له وأربح وأكثر ضمانا, كما أنه بابتعاده عن أول مرحلة من مراحل الخطية يدل علي عدم قبوله لها بسبب نقاء قلبه.. ويريح نفسه من التفاوض مع الشيطان بعدم التعامل معه.
* قد ينتصر انسان علي فكر شرير بعد صراع مرير, ولكنه في أثناء الصراع يكون قد نجس ذهنه وربما قلبه.
وحتي ان طرد الفكر من عقله الواعي, قد يبقي في ذاكرته وفي عقله الباطن, وربما يعود إليه بعد حين, أو يظهر في أحلامه أو في ظنونه.. فلماذا كل هذا التعب؟ الوضع السليم هو التخلص منه من بادئ الأمر, قبل أن يستمر, وقبلما يتسع نطاقه في تدمير ك والانتصار علي الفكر يبدأ من مرحلة الاتصال. فليحاول كل شخص أن يبتعد عن الاتصال بمصادر الخطية.
* لذلك في أي مرحلة من مراحل الخطية وجد الانسان نفسه, فليجاهد انها لا تتطور إلي أسوأ، لأن الارادة تكون قوية في أول القتال, أعني في مرحلة الاتصال, فاذا وصل الشخص إلي مرحلة الانفعال, تكون ارادته قد بدأت تستجيب للخطأ, وفي الاشتعال تكون قد ضعفت, أما في مرحلة الصراع, فان الارادة تكون بين الحياة والموت, وان سقطت تكون قد وقعت صريعة في حربها ضد الخطية, وفي حالة العبودية للخطية تكون الارادة قد ماتت تماما, ويصبح الانسان حينذاك مسلوب الارادة, إذن فليعلم هذه الحقيقة جيدا؛ انه كلما يخطو خطوة في طريق الخطية, تضعف ارادته وكلما يضعف, يميل إلي الخطية ويكون قد أعطي الشيطان مكانا ووضعا داخل نفسه, وكلما يخطو خطوة أخري نحو الخطية, تقل مخافة الله في قلبه, ويكون سقوطه بالعمل متوقعا جدا..
والانسان الحكيم لا يستهين بأية خطية, مهما بدت صغيرة.. فأي ثقب بسيط في سفينة, قد يتسع اذا أهمل حتي يتحول إلي كارثة غرق.
لذلك فلنحترس مدققين من جهة أي تهاون أو تراخ في كلامنا أو تصرفنا, عارفين أن من يهتم بالقليل, سيهتم بلا شك بالكثير, وكما يقول المثل الانجليزي اهتم بالبنس, فتجد أن الجنيه يهتم بنفسه لذلك كن دقيقا جدا, فربما خطأ بسيط يجر إلي مشاكل كثيرة, بينما التدقيق ينفعك ويعلمك الحرص.
* حقا ما أكثر الخطايا التي تدخل من ثقب إبرة!
انه لا يدعوك مثلا إلي اهمال الصلاة, لكنه قد يقترح تأجيلها بعض الوقت ريثما تستعد, ثم يظل يؤجل ويؤجل حتي يفوتك موعد الصلاة أو تنساها. وهكذا يفعل معك بالنسبة إلي التوبة. والخطوة الأولي إلي الخطية تختلف من شخص إلي آخر, وتتنوع حسب الظروف, فكن يقظا من هذه الناحية, واذا دفعت إلي الخطية الأولي, فلا تكمل وتصل إلي الثانية.
واحترس من أن تكون الخطوة الاولي بالنسبة اليك هي الغرور والثقة الزائدة بالنفس التي نقودك إلي عدم الاحتراس أو إلي شيء من الفتور. كذلك استفد من دراسة الخطوة الاولي التي أسقطت غيرك, وبخاصة اولئك الذين كانوا أقوياء أو ظنوا أنهم أقوياء, وبالاحتراس من الخطوة الأولي, تتدرب علي حياة التدقيق, وعلي حياة الجهاد الروحي وليكن الله معك ويعيننا ويسندنا بروحه القدوس حتى نستطيع ان ننتصر على الخطيه ونجاهد حتى الدم امييين
منقول