الحروب الروحية
لقداسة البابا شنودة
حرب الشهوات
وهي كثيرة منها شهوة الجسد, وشهوة المعرفة, وشهوة الرئاسة والمناصب, وشهوة الانتقام, وشهوة السيطرة, وشهوة المال, وشهوة الامتلاك, وشهوة العظمة والشهرة.
وهنا تكون ملكية القلب قد انتقلت من الله إلى غيره. وتفشل في الاستجابة لقول الرب (( يا ابني اعطني قلبك )) ( أم 26:23 ).
فان وصلت إلى الشهوة لا تكملها, بل حاول أن تتخلص منها. وتذكر تلك العبارة الجميلة:
(( افرحوا لا لشهوة نلتموها: بل لشهوة أذللتموها ))
إن أكثر شيء يفرح الإنسان هو أن ينتصر على نفسه. حقاً إن لذة الانتصار على النفس هي أعمق من اللذة بأية شهوة أخرى.
وإن تعبت من شهواتك, لا تيأس. ولا تظن انه لا فائدة.
انظر إلى ما يستطيع المسيح أن يعمله لأجلك, وليس إلى ما تعجز أنت عن عمله.
إن المسيح قادر أن يحول السامرية إلى مبشرة, والمجدلية إلى قديسة.
لا تظن مطلقاً أنك تحارب وحدك, فالله بكل نعمته يعمل معك كما عمل مع غيرك.
لذلك تذكر الذين انتصروا. ولا تضع أمامك انهزاماتك السابقة وضعف طبيعتك.
إن الله يحبك كما أحب هؤلاء, وسيعمل فيك كما عمل فيهم. وكلما تزداد الحرب تزداد النعمة جداً. فالتصق بالله واطلب معونته.
في شهواتك جاهد مع الله كثيراً, حتى ترجع السحابة فوق الخيمة.
لا تخجل من الصلاة وأنت في عمق الخطية. ولا تفعل مثل أبينا آدم الذي حينما أخطأ, هرب من الله واختبأ خلف الشجر! وكلما سقطت, تمسك بالله أكثر, لكي ينجيك وينقيك ويقودك إلى التوبة.
قل له: ( حارب يا رب فيَّ, وانتصر على أعدائي وأعدائك, ولا تتركني وحدي ).
قل له: ( أنا إن انهزمت يا رب أمام الخطية, فانا لا أزال ابنك, محسوب عليك, ومنسوب إليك, أنا من قطيعك وان كنت قد ضللت. وأنا ابنك وان سكنت في كورة بعيدة. أنا ما زلت درهمك وان لم أكن موجوداً في كيسك...
أنت لا تتخلى عني, وأنا لا أتخلى عنك, مهما حاول العدو أن يوجد انفصالاً بيني وبينك. وان كنت قد تركتك بالفعل, فانا لم أتركك بالقلب ولن أتركك. ما زلت احبك, وان كنت قد أخطأت إليك).
افعل مثل القديس بطرس, الذي بعد أن أنكر المسيح, وجدف ولعن وقال لا اعرف الرجل, جرؤ أن يقول في ذلة العارف بمشاعره: (( أنت تعلم يا رب كل شيء. أنت تعرف أني أحبك )) ( يو 17:21 ).
لا تجعل الخطية تفصلك عن محبة الله, بل افتح له قلبك وقل له: تأكد يا رب انها خطية ضعف, وليست خطية بغضة, ولا خطية خيانة.
وأنت نفسك, تأكد أن الله يعرف ضعفك, وانه لا يزال يحبك.
ثق انك وأنت في الخطية, هو يعمل على إنقاذك, واجتذابك إليه, وردك إلى رتبتك الأولى. إنه الله الذي سعى وراء آدم ليخلصه, دون أن يسعى آدم إلى التوبة.
شهواتك الخاطئة, أضف إليها ما تستطيعه من عمل روحي, لكي تقلل من حدتها وخطورتها, ولكي تقيم توازناً داخل قلبك.
وثق أن الجانب الخيّر سينمو داخل قلبك شيئاً فشيئاً حتى تتخلص من شهوات الخطيّة.
وإن شعرت بعمل الروح القدس في قلبك, فلا تهمله وتستمر في شهواتك, بل اعمل معه.
وان عرفت ضعفك فلا تُعرض نفسك للحروب مرة أخرى.